21 - 06 - 2024

مؤشرات | واقع شعار الرياضة للجميع

مؤشرات | واقع شعار الرياضة للجميع

"العقل السليم في الجسم السليم" و"من يمارس الرياضة بشكل يومي فقد فاز بكثر من المكاسب المعنوية والجسمانية"، وغيرها من العبارات التي تتردد على مسامعنا يوميا، وتربينا عليها، حول أهمية الرياضة ومنشآتها، وضرورة توفرها.

وإنطلاقا من هذا يأتي السؤال إلى أي مدى تهتم الدولة بالرياضة، والعدالة في خريطة توزيعها، لتراعي متطلبات فئات الشعب على مستوى الجمهورية، أم أن هناك هناك إنحياز لمكان دون آخر.

الإجابة تأتي ضمن بيانات وأرقام رصدها تقرير مهم، صادر عن "عدسة" من "حلول للسياسات البديلة"، بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، والذي يرى تركيزا كبيرا في العاصمة الإدارية الجديدة، على حساب باقي مدن الجمهورية.

ورغم أن مراكز الشباب تقدم خدمات رياضية للفئة العمرية من 11-25 والذين يصل عددهم طبقًا لتعداد 2017 حوالي 27 مليون نسمة، إلا أن أعداد مراكز الشباب لا تتناسب مع إجمالي السكان في المحافظات، فهي تواجه عجزًا يقدر بـ1284 مركزًا، ولا توجد منشآت رياضية في كل قرية مثلًا، رغم أنها تعد المتنفس الآمن لممارسة الرياضة أو لقضاء وقت الفراغ في ظل غلاء أسعار الأندية الرياضية الخاصة.

وتواجه المراكز عدة مشاكل، أهمها انخفاض المخصصات المالية لتجديدها أو صيانة مرافقها، والتي تتزامن مع أخبار الإنفاق على المدينة الأوليمبية وتعاني من قلة الخدمات بالتبعية.

وووفقا لإحصائيات التقرير، لا توجد ملاعب ذات مدرجات في 17 محافظة، فتنتشر بشكل أكبر الملاعب غير القانونية، أي التي لا تتطابق مع معايير الاتحاد الدولي للعبة، وتفتقر مراكز شباب القرى في 14 محافظة لحمامات سباحة.

وضرب التقرير بقرية قرقارص بمحافظة أسيوط التي تعاني غياب ملعب منذ 30 عامًا، في وقت يغيب عن أغلب المراكز الموجودة منشآت لكرة القدم، وهناك العديد من الأسباب تجعل من المراكز  الشبابية غير جاذبة للشباب في مدن مثل الدقهلية والبحيرة والفيوم وغيرها، ويمتد ضعف الإقبال لمحافظات الصعيد مثل أسيوط والمحافظات الحدودية مثل الوادي الجديد.

ومن نتائج الدراسات يتبين أن مراكز الشباب لا تحقق الاستفادة المرجوة منها في الدول متوسطة ومنخفضة الدخل، كما أنها لا تمكن الرياضيين من تحقيق نجاحات في بطولات دولية بشكل مستهدف.

وفي المقابل فإن الدولة أنشأت المدينة الأوليمبية بالعاصمة الإدارية الجديدة، والتي استضافت أول دورة من  بطولة "كأس عاصمة مصر" وإنتهت بخسارة المنتخب الوطني أمام نظيره الكرواتي.

وتضم المدينة استاد العاصمة وهو أكبر ملعب كرة قدم في الشرق الأوسط، والثاني على مستوى إفريقيا من حيث عدد المشجعين، رغم أن الحكومة لا تسمح بحضور سوى 20 ألف متفرج في مباريات الدوري والكأس، حيث تحدد الجهات الأمنية عدد الحضور منذ مجزرة استاد بورسعيد في 2012.

وهنا يتم التشديد على أن للرياضة أهمية اجتماعية وصحية كبيرة، من ضمنها النشأة النفسية السليمة للأطفال والشباب في الفئات الأقل دخلًا أو التي تعاني من ظروف اجتماعية صعبة، وبالتالي تبرز أهمية توافرها بجودة مقبولة في محافظات وقرى الجمهورية.

ونظرا لذلك، فإن العجز في مراكز الشباب وعدم عدالة توزيعها يجعل من الضروري النظر فيما تفعله دول أخرى، حيث تتجه بعض الدول إلى التركيز في مشاريع البنية التحتية الرياضية الضخمة كاستثمارات عامة لزيادة معدلات التشغيل والنمو الاقتصادي على المدى القصير.

ويبقى السؤال الأهم .. هل نرى عدالة رياضية، تعيد إصلاح ما جاء من أرقام تستحق النظر بعين الفاحص، بعيدا عن مشروعات غالبا لن يستفيد منها عامة الناس، فالتجربة لاستثمار طويل المدى من الرياضة، ليس له أصل في مختلف التجارب، والأهم النظر للأطراف، دون التركيز على المركز جديدًا كان أو قديمًا.
----------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | مشاكل ماسبيرو والصحافة والجراحة المشرطية





اعلان